نحن الى أين ... في عالم التواصل الإجتماعي

3:00 ص
نحن الى أين ... في عالم التواصل الإجتماعي


قد يتعجب الكثيرين أني أكتب مثل هذا الكلام و أنا أحد رواد مواقع التواصل كأكثر طبيب أطفال متابعة في العالم ( أكثر من ٢ مليون متابع حول العالم ) ، لقد ساعدتني هذه المواقع كثيراً في عملي و أضفت نوعاً من الجمال و التشويق الى حياتي و قدمت من خلالها الكثير الكثير من المقالات و المواضيع فيما يخص طب الأطفال و إعتبرتها وسيلة لإيصال علمي و رسالتي الإنسانية للجميع ، ولكن بإنخراطي أكثر فيها جائني هذا السؤال ( نحن الى أين ؟ ) 
يقضي المواطن العربي في المتوسط خمس ساعات ( و ربما أكثر ) يومياً على الكومبيوتر أو التابلت أو الجوال مبحراً في عالم التواصل الإجتماعي باحثاً عما يروي عطشه من معلومات و أفكار ، و معبراً عن رأيه و أفكاره بكل حرية و من دون أي حدود أو موانع وضعت أمامه سابقاً من حكوماته فلا ننسى دور هذه المواقع في ثورات الربيع العربي و ما قدمته من عملية ربط و تعبئة بين المتظاهرين ، فبالرغم مما قامت به بعض الحكومات من ضغط و تغييب إعلامي لهذه الثورات في بداياتها الا أن هذه المواقع كانت متنفساً إعلامياً و صوتاً قوياً لا يستطيع أحد إنكاره أو إسقاطه و جميعنا يتذكر الإنقلاب العسكري في تركيا و كيف قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحشد و تعبئة أنصاره بإستخدام أحد هذه المواقع أيضاً .
نعم ، هذه المواقع أتاحت للكثيرين أن يخرجو للناس و يتحدثو بحرية و عفوية دون خوف ، فهي منبر حر ( نوعاً ما ) في ظل إعلام عالمي مُسيّس لا يُظهر إلا من يريد و متى يريد ليتحدث بما يُرِيده هذا الإعلام .
ليس هناك أي شك أننا تحسنا في التعامل مع التكنلوجيا الحديثة من حيث فلترة و معالجة المعلومات و التواصل فقد أصبح تفكيرنا سريعاً و سلساً ، و لكن ماذا فقدنا في الجانب الآخر منذ إنغماسنا في التكنلوجيا الحديثة و في عالم التواصل الإجتماعي ؟
لقد إتخذت الأحداث منحى سيّء و أصبحنا أكثر كسلاً منغمسين في المعلومات و وسائل الترويج التي لا تعدو ان تكون مجرد تفاهات شخصية و متع حسية ، منقطعين عن العالم الحقيقي بعزلة واقعية ( صحيح أننا نتواصل مع بعض بالإعجاب و التعليق و لكن هذا ضمن عالمنا الإفتراضي و ليس الحقيقي ) ، توقفنا عن القراءة للكتب لكونها أصبحت طويلة و متعبة لعقلولنا و ركزنا على عالم المشاهير و الاّراء الضحلة فعقولنا اللدنة الحساسة تأثرت و أصابها الضمور فَلَو تذكرنا أننا في السابق كنّا نحفظ أرقام الهواتف و تواريخ أعياد الميلاد و المناسبات بكل سلاسة أما الآن فنحن نعتمد على أجهزتنا الذكية و على مواقع التواصل في ذلك حتى أبسط العمليات الحسابية نستخدم فيها الآلات الحاسبة ، لقد تراجع ذكائنا بدلاً من أن يزيد و تراجع تفكيرنا التأملي العميق و الدقيق حتى التفكير في المستقبل تراجع أيضاً ، فكيف نفكر و نحن متصلون على الدوام أما ببعضنا أو بتيار المعلومات المتدفق و السريع ؟
يجب علينا أن نعيد حساباتنا و تصرفاتنا و نتعامل بكل فطنة و ذكاء مع أجهزتنا الذكية و أن لا نفقد تعاطفنا و إنسانيتنا و نتحول الى مدمنين و عبيد لمواقع التواصل الإجتماعي .
د. معاوية العليوي

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة